مقال في مجلة الويكلي ستاندرد الأمريكية عن مرشح الرئاسة د.حازم صلاح أبو إسماعيل .
مع مشهد الرئيس السابق لمصر مُلْقًى على سريره في قفص الاتهام في المحكمة، في محاولة للدفاع عن حياته، يمكننا أن نبدأ من هنا لِنُكَوِّنَ فكرةً أوضَحَ عن من سيختاره المصريون ليخلف حسني مبارك فى انتخابات نوفمبر المقبلة.
في يوم الجمعة 29/7/2011 امتلأ ميدان التحرير بعشرات الآلاف من الإسلاميين لاستعادة ميدان التحرير من الناشطين العلمانيين الذين يُنْسَبُ إليهم أنهم قادوا الثورةَ التي أطاحت بمبارك في فبراير الماضى .
كل ما أراده الإسلاميون هو الاعتراف بدورهم الذي قاموا به فى الماضي، واحترام وتقدير قوتهم السياسية المتصاعدة.
أعضاء جماعة الإخوان المسلمين والسلفيون (مجموعة متنوعة من الإسلاميين الأكثر تحفظًا)، فضلاً عن آخرين متعاطفين مع رؤيتهم لمصر ملتزمةً بشرع الله، قد صَلَّوْا، واحْتَجُّوا، وهَتَفُوا، وكان هناك اسمٌ واحدٌ فقط على شفاهِ الجميع: حازم صلاح أبو إسماعيل؛ الرجل الذي ربما يخلف مبارك كأول رئيس إسلامي لمصر.
حازم صلاح أبو إسماعيل
هو محامٍ يبلغ من العمر 50 عامًا، وليس بمعزلٍ عن الحشود الضخمة الهائلة، والهتافات المدويَّة، وهو أيضًا نجمٌ تليفزيونيٌّ صاحب برامج أسبوعية على العديد من القنوات الدينية على مدى السنوات القليلة الماضية، شملت نطاقًا واسعًا من القضايا المعاصرة، ومن التاريخ الإسلامي، والفقه، والسياسة، والاقتصاد.
أبو إسماعيل يدعم التمويل والاقتصاد الإسلامي، ويرغب في تمكين أكبر للشريعة الإسلامية في الدستور المصري، ويعتقد أنه ينبغي إلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل، وكلها مواقف مثيرة للجدل.
أعلن أبو إسماعيل نيَّتَهُ فى الترشح في نهاية مايو الماضي، وإذا نجح سيتفاجأ الكثير من المراقبين، ومن الجدير بنا التذكير بأن استعراض قوة الإسلاميين في ميدان التحرير قد أبهر المشاركين والمشاهدين لهذا المشهد؛ إذ كيف يتم تحويل الثورة التي كانت تُصَوَّرُ على أنها ديمقراطية علمانية فجأة إلى ثورة إسلامية؟ الحقيقة هي أنه إذا استمرت مصر في طريقها لأن تكون دولة ديمقراطية حقيقية فإن الإسلاميين سيلعبون دورًا رئيسًا، بل ربما يلعبون الدور المهيمن، على الأقل في الوقت الحاضر.
بعض المراقبين يَشُكُّونَ في أنه على الرغم من أن حياة الإسلاميين أصبحت أكثر راحة بعد سقوط مبارك فإنهم يرون أن علاقة المجلس العسكري المصري والإسلاميين سيكون مآلها إلى الانهيار؛ حيث إن الإسلاميين سيكونون متشوقين للسلطة، وبالتالي سيقوم الجيش بسحقهم تمامًا كما فعل جمال عبد الناصر في القضاء على الإخوان المسلمين منذ نصف قرن مضى.
هذه الآراء يجب عدم التعويل عليها؛ حيث إنه من الصحيح أن عبد الناصر قد تحول ضد الإخوان المسلمين بعد التخلص من زملائه السابقين الذين ساعدوه في التخلص من النظام الملكي، ولكن الآن ليس عام 1954؛ فإن عبد الناصر كان قد عرف أن تقاسم السلطة سيَحُدُّ من قوته وقدرته على تنفيذ مشروعه السياسي، لكن الجيش اليوم لا يملك مشروعًا سياسيًّا؛ على العكس من ذلك، فإن الجيش يريد أن يُحْجِمَ عن أعمال الحكومة؛ وذلك من أجل حماية مصالحها المالية، وهو ما يعنى أن الجيش لا يستطيع تَحَمُّلَ نتائج الذَّهاب إلى الحرب مع إسرائيل، وبالتالي التضحية بالمساعدات المالية الأمريكية؛ وبالتالي فإن الجيش سيستمِرُّ في التحكم في السياسة الخارجية، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الثنائية مع واشنطن والقدس (إسرائيل)، في حين يترك الشأن الداخلي لشخص آخر، مثل رئيس الجمهورية؛ وبالتالي فإن التزامه بالديمقراطية مَبْنِيٌّ بشكل كامل على حقيقة أنه لا يُهِمُّ من هو الذي سيشغل منصب الرئيس، طالما أنه لن يتم المساس بمصالح القوات المسلحة.
قبل إعلان ترشح أبو إسماعيل، كان يبدو أن احتمال أن يكون رئيس مصر إسلاميًّا بعيدُ المنال؛ على الأقل لأن جماعة الإخوان المسلمين كانت قد أعلنت أنها لن تُرَشِّحَ أحدَ أعضائها لهذا المنصب، ولكن أبو إسماعيل ليس عضوًا في جماعة الإخوان المسلمين، وهذا قد يكون واحدًا من أكبر مُقَوِّماته السياسية القوية.
هو سلفيٌّ (السلفيون إسلاميون يتميزون بجلبابهم القصير، ولحيتهم، وهم أقَلُّ حذرًا من الإخوان فى إبداء وجهات نظرهم السياسية)، ويُعَدُّ أبو إسماعيل سلفيًّا، ولكن بمظهرِ الإخوان: فهو ذو لحية طويلة، ولكنه يرتدي (بدلة) بَدَلاً من الجلباب، كأي عضوٍ من أعضاء الطبقات المهنية في البلاد؛ مما يجعله يبدو أكثر شبهًا بالإخوان من السلفيين، هو يتكلم بهدوء، وبعيدًا عن الصُّراخ والضجيج، ويعالج قضاياه وموضوعاتِهِ بعقلانية، حتى عندما يُهاجَمُ شَفَهِيًّا على شاشة التلفاز من مُحاوِرِين مُعَادِينَ. قدرة أبو إسماعيل على التغَلُّب على الفجوة بين السلفيين والإخوان المسلمين هي التحدي الحقيقي في نهاية المطاف، خاصة الآن، وهم ليسوا متيقنين من نوع الدور الذي سوف يعلبونه في العملية السياسية.
إن هدف الإخوان على المدى الطويل هو حكم مصر، ولكنَّ قيادتهم تُدْرِكُ وتُؤْمِنُ بأن هذا ليس مُرَجَّحًا ولا مرغوبًا فيه الآن، وجماعة الإخوان المسلمين تُدْرِكُ أن الحكومةَ القادمةَ ستواجه متاعِبَ لا تُعَدُّ ولا تُحْصَى، وستخسر شعبيَّتَها إذا تولت مقاليدَ الأمور في المرحلة القادمة، وأنه من الأفضل لها في الوقت الراهن تقليل تميثلهم على أن يتولوا مقاليدَ الأمور في المرحلة القادمة، ويَظْهَرُوا بمظهر الْمُنْقِذِ للبلاد من المحلدين والقادة غير الأَكْفَاء. وبناءً على ذلك قررت جماعة الإخوان المسلمين تقييد منافستهم في البرلمان بـ 33% من المقاعد، وقد زادت هذه النسبة فيما بعد لتصل إلى 49% بعد ضغوط من صفوف الجماعة، ولكن جاء قرار الجماعة بعدم خوض الانتخابات الرئاسية ليفتح الباب لأبو إسماعيل.
ولذلك عندما قَرَّرَ عبد المنعم أبو الفتوح - أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين منذ فترة طويلة - خوضَ الانتخابات على منصب الرئيس، قطعت الجماعة علاقتها به وقامت بفصله؛ لأن عضوية جماعة الإخوان المسلمين لا تَقْبَلُ مخالفةَ تَوَجُّهَاتِ (تصويت) مجلس شورى الجماعة، وبالتالي اكتسب أبو إسماعيل المزيد من الدعم سواءٌ أُيِّدَ رسميًّا من قِبَلِ جماعة الإخوان أو لا.
وبما أن أبو إسماعيل قد ضمن أصوات السلفيين، فإن السؤال الأكبر هو: هل سينجح في مناشدة المواطن المصري العادي للحصول على صوته. بالرجوع إلى أدائه في الماضي، وإلى تاريخه، نجد أنه سيؤدي أداءً حسنًا جدًّا؛ ففي عام 2005 قام بالمنافسة على مقعد في البرلمان مُمَثِّلاً لمنطقة الدقي في القاهرة؛ وهي منطقة أهلها من الطبقة المتوسطة، ولا تُعْتَبَرُ عادةً بمثابة مَعْقِلٍ للإسلاميين، ومع ذلك، يبدو أن أبو إسماعيل فاز في هذا السباق، على الأقل حتى قبل تراجع لجنة الانتخابات عن إعلان فوزه لصالح مرشح من الحزب الوطني الديمقراطي بزعامة مبارك، قام بالاستيلاء على المقعد بالاحتيال عن طريق الحزب الحاكم السابق.
تمت الترجمة بواسطة فريق عمل الصفحة الرسمية لمرشح رئاسة جمهورية مصر العربية د.حازم صلاح أبو إسماعيل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق