كتبه/ ياسر برهامي
فإن تطبيق شرع الله واجب بإجماع المسلمين، وهو امتثال أمره في كتابه: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ) (المائدة:49)، وهو وصف كل مؤمن: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (النور:51).
وترك تطبيق شرع الله مِن علامات النفاق الظاهرة: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا) (النساء:61).
ونحن نرى هذه القضية مِن أعظم قضايا الإيمان والتوحيد -وهي مِن أهم غاياتها وأهدافها-، ونرى الأخذ بأسباب إقامتها مِن أعظم الواجبات.
وقد دعا البعض إلى "مظاهرة مليونية" في التحرير بتاريخ: "1/7/2011"؛ للمطالبة بتطبيق الشريعة، ونحن إذ نُثمِّن ما تضمنته هذه الدعوة مِن غاية شريفة؛ إلا أننا نتحفظ على وسيلة "المظاهرة المليونية" في هذا التوقيت سبيلاً لتحقيق هذه الغاية.
ونحن نؤكد أن الدعوة إلى تطبيق الشريعة واجبة في كل وقت وفي كل مكان، ولكن النظر إلى وسيلة الدعوة وتحقيقها الغرض المقصود، وتحصيلها للمصالح وتجنيبها للمفاسد.. واجب شرعي كذلك.
وخاصة أن كثرة ما بات يُعرف: بـ"المظاهرات المليونية" أدى إلى ضيق الكثيرين مِن أبناء الأمة من هذه الوسيلة؛ فنخشى مِن تطور هذا الأمر إلى فقد الاستقرار في البلاد، خاصة مع أصوات كثيرة تدعي: "أن الشعب يعبر عن إرادته بهذه الوسيلة".. ويعتبرون الأعداد التي تخرج في هذه المظاهرات دليل على شرعية وشعبية ما يُطلب فيها.
والكل يعلم محاولات "العلمانيين"، و"الليبراليين" الالتفاف على إرادة الأمة في كتابة دستور يعبر عن هويتها الإسلامية مِن خلال تنظيم مثل هذه المظاهرات.. التي يطالبون فيها بكتابة دستور جديد قبل الانتخابات؛ ليتمكنوا مِن اختيار مَن يريدون لكتابته دون انتخابات.
ونخشى مع عدم المعرفة بالداعين إلى هذه المظاهرة المليونية في "1/7/2011"، وعدم مراجعتهم لأهل العلم والدعاة، وعدم اتفاق الكلمة على اعتماد هذه الوسيلة كطريقة للتعبير عن إرادة الأمة، مع اتفاقنا التام على مشروعية وجدوى مطلب تحكيم الشريعة نخشى أن يكون المقصود منها إضعاف هذا المطلب، وأن يقولوا: "لم يحضر هذه المظاهرة إلا عدد قليل؛ فهذا حجم المطالبين بهذا الأمر". وأن تكون محاولة للهجوم على الإسلاميين عمومًا، وتحجيم دعوتهم؛ ولذا فنحن نناشد الداعين إليها، وجميع طوائف الأمة تأجيل هذه المظاهرة المليونية؛ تحقيقًا لأكبر قدر مِن المكاسب.
فإذا حصل بالفعل قبول لإقصاء مطلب الأمة في مرجعية الشريعة؛ فعندها يبحث أهل العلم والدعاة كلٌ عن الوسائل المشروعة لمنع هذه المحاولات وإبطالها، بعد التشاور والتناصح: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) (الشورى:38).
والله مِن وراء القصد.
منقول من موقع انا السلفى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق