فالدعوة إلى الله تعالى طريق الأنبياء والمرسلين الذين أرسلهم ربهم مبشرين ومنذرين، ليعرّفوا الخلق بالله، ويأمروهم بعبادته وحده دون سواه، وقد أمر الله بالدعوة إليه سبحانه في مواطن كثيرة من كتابه، قال تعالى: { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [يوسف:108]، وقال سبحانه: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33].
وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم بنضارة وجه من سمع حديثه ونقله إلى غيره، كما في حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «نضر الله امرءًا سمع منا شيئًا فبلغه كما سمعه، فرب مبلغ أوعى من سامع». [الترمذي 2657 وصححه الألباني].
وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم بنضارة وجه من سمع حديثه ونقله إلى غيره، كما في حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «نضر الله امرءًا سمع منا شيئًا فبلغه كما سمعه، فرب مبلغ أوعى من سامع». [الترمذي 2657 وصححه الألباني].
وقد دل الحديث على فضل من تشرف بسماع الحديث وحمله إلى غيره ودعا الناس إليه، ولهذا كان الدعاة إلى الله تبارك وتعالى من أرفع الناس قدرًا وأعظمهم أجرًا، لقيامهم بمهمة الأنبياء والمرسلين، وإرشاد الخلق إلى الحق، ومواجهة ألوان الفساد في المجتمعات وإصلاحها، وتعليم الناس ما جهلوا، والأخذ بأيديهم إلى صراط الله المستقيم، وهذه المهمة ليست مسألة اجتهادية، وإنما توقيفية ربانية، وقد أشارت الآيات الآمرة بالدعوة إلى ذلك، منها قوله تعالى: فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ [الشورى:15]، غير أن بعض الدعاة خالف في منهجه ومسلكه منهج الأنبياء والمرسلين في الدعوة إلى دين رب العالمين، ودبّ الخلاف بين المسلمين، وتفرقت الأمة إلى مناهج مختلفة، وعقائد متباينة، وفِرَق متناحرة، وقد كانت الأمة في أول عهدها بعيدة عن ذلك.
يقول الشاطبي – رحمه الله -: «ثم استمر تزيُّدُ الإسلام، واستقام طريقه على مدة حياة النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعد موته وأكثر قرن الصحابة – رضي الله عنهم – إلى أن نبغت فيهم نوابغ الخروج عن السنة، وأصغوا إلى البدع المضلة كبدعة القدر وبدعة الخوارج، وهي التي نبّه عليها الحديث بقوله: «يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم» [متفق عليه]، يعني لا يتفقهون فيه، بل يأخذونه على الظاهر...
وكل صاحب مخالفة فمن شأنه أن يدعو غيره إليها، ويحض سواه عليها، إذ التأسي في الأفعال والمذاهب موضوع طلبه في الجبلة، وبسببه تقع في المخالف المخالفةُ، وتحصل من الموافق المؤالفة، ومنه تنشأ العداوة والبغضاء للمختلفين. [الاعتصام للشاطبي ج1/17].
وهذا كلام نفيس من هذا الإمام العالم – رحمه الله -، وقد بيّن فيه منشأ الداء الذي وقع بالأمة، وأن كل فريق يسعى إلى جذب غيره إلى كلامه، وموافقته فيما هو عليه، والواجب على دعاة الأمة وحملة الرسالة أن يتصدوا للأهواء المضلة، ويجمعوا كلمتهم على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، وأقوال الأئمة المعتبرين كالإمام مالك، والإمام الشافعي، والإمام أبي حنيفة، والإمام أحمد بن حنبل، والبخاري، وابن خزيمة، وابن منده، والبربهاري، وابن تيمية وغيرهم من علماء السنة – رحمهم الله تعالى – وليعلم جميع الدعاة أن جمع الكلمة لا بد أن يكون على كلمة التوحيد، فهي أساس الملة وقاعدة انطلاق الدعوة، وإفراد الله تعالى بالتوحيد وعبادته وحده دون سواه هو الغاية من خلق الخلق كما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56].
يقول الدكتور صالح السحيمي مبينًا أهمية جانب الاعتقاد في وحدة المجتمع المسلم: «هو العامل الأول، والركيزة الأساسية التي ينبني عليها كيان المجتمع الإسلامي، وتنضوي تحت لوائها صفوف المسلمين، منها يستلهمون طريق وحدتهم، وعلى ضوئها يشقون طريقهم إلى أعلى قمم المجد والعلا، وبهداها ومبادئها القيمة يفتحون القلوب قبل أن يفتحوا الأقطار». [منهج السلف في العقيدة: ص4].
ويؤكد الدكتور مصطفى حلمي على أن الإسلام الصحيح القائم على الوحي هو أساس وحدة جماعة المسلمين وسبب نهوضهم، فيقول: «وإن كان المسلمون يتلمسون اليوم طريقًا للنهوض، فليس لهم من سبيل إلا وحدة جماعتهم، ووحدة الجماعة ليس لها من سبيل إلا الإسلام الصحيح، والإسلام الصحيح مصدره القرآن والسنة، وهذه خلاصة الاتجاه السلفي». [قواعد المنهج السلفي: 13].
وقد اجتمع سلفنا الصالح بسبب اتفاقهم على أمور العقيدة مع تباعد ديارهم واختلاف أزمنتهم، وقد أشار إلى ذلك الإمام إسماعيل الأصبهاني – رحمه الله – فقال: «ومما يدل على أن أهل الحديث هم أهل الحق، أنك لو طالعت جميع كتبهم المصنفة من أولهم إلى آخرهم، قديمهم وحديثهم، مع اختلاف بلدانهم وزمانهم، وتباعد ما بينهم في الديار، وسكون كل واحد منهم قطرًا من الأقطار، وجدتهم في بيان الاعتقاد على وتيرة واحدة، ونمط واحد، يجرون على طريقة لا يحيدون عنها ولا يميلون فيها، قولهم في ذلك واحد، ونقلهم واحد، لا ترى فيهم اختلافًا ولا تفرقًا في شيء ما وإن قل، بل لو جمعت جميع ما جرى على ألسنتهم ونقلوه عن سلفهم وجدته كأنه جاء عن قلب واحد، وجرى على لسان واحد، وهل على الحق دليل أبين من هذا؟!!!». [الحجة في بيان المحجة: 2/224].
ولهذا وجب على دعاة الأمة الرجوع إلى الكتاب والسنة والالتفاف حول جماعة المسلمين المتمسكين بالحديث والأثر، فهم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية مبينًا مكانة أهل الحديث المعتصمين بالكتاب والسنة: «وبهذا يتبين أن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية: أهل الحديث والسنة، الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله، وأعظمهم تمييزًا بين صحيحها وسقيمها، وأئمتهم فقهاء فيها وأهل معرفة بمعانيها، واتباعًا لها: تصديقًا وعملاً وحبًّا وموالاة لمن والاها، ومعاداة لمن عاداها». [مجموع الفتاوى: 3/347].
ولا طريق إلى الدين القويم، والصراط المستقيم إلا الطريق الذي سلكه أصحاب الحديث، لأنهم أخذوا دينهم وعقائدهم خلفًا عن سلف، وقرنًا عن قرن، إلى أن انتهوا إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أخذوا منه مباشرة، ولذلك أسلموا في الاعتقاد والعمل بعد سلوكهم طريق النجاة.
قال الإمام مالك رحمه الله: «السُّنّة سفينةُ نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق».
وكان الإمام الزهري رحمه الله يقول: «كان علماؤنا يقولون: الاعتصام بالسنة هو النجاة»، ولذا صار ذهاب أهل السنة هو ذهاب أهل الإسلام، كما قال الأوزاعي – رحمه الله – في بيان معنى حديث الغربة. [انظر «كشف الكربة» لابن رجب (ص10)].
ولذا كان التزام السنة والوقوف عندها هو المتعين على أهل الإسلام، وتشتد الحاجة إلى ذلك أكثر عند وقوع البدع والفتن، وقد تنبّه لهذا أئمتنا – رحمهم الله – فهذا الإمام مالك – رحمه الله – يذكر حديث الاعتصام بالكتاب والسنة في باب النهي عن القدر، والإمام البخاري – رحمه الله – ذكر في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ما نصه: «قال عبد الله: إن أحسن الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وإن ما تُوعدون لآتٍ وما أنتم بمعجزين». [البخاري 7277].
قال ابن حجر معلقًا على هذا الحديث: «وثبت عن مالك أنه لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر شيء من الأهواء – يعني بدع الخوارج والروافض والقدرية -، وقد توسع من تأخر عن القرون الثلاثة الفاضلة في غالب الأمور التي أنكرها أئمة التابعين وأتباعهم، ولم يقتنعوا بذلك حتى مزجوا مسائل الديانة بكلام اليونان، وجعلوا كلام الفلاسفة أصلاً يردون إليه ما خالفه من الآثار بالتأويل ولو كان مستكرهًا، ثم لم يكتفوا بذلك حتى زعموا أن الذي رتّبوه هو أشرف العلوم وأولاها بالتحصيل، وأن من لم يستعمل ما اصطلحوا عليه فهو عامي جاهل، فالسعيد من تمسك بما كان عليه السلف واجتنب ما أحدثه الخلف». [فتح الباري: 13/253].
وهذا هو الموقف الصحيح الذي يجب أن يسلكه المسلم تجاه نصوص الكتاب والسنة، ويتعين ذلك على الدعاة بصورة خاصة، وعلى الجميع ألا يخترع ألقابًا أو يرفع رايات سوى راية الإسلام والسنة، وقد اختار الله لنا اسم الإسلام ورضيه لنا دينًا، فلا نحيد عنه، ولا نسمى أنفسنا باسم سواه، قال الله تعالى: وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا [المائدة:3]، وقال سبحانه: وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ [الحج:78]، وإبراهيم عليه السلام كان قد دعا ربه وسأله أن يجعل من ذريته أمة مسلمة، كما قال تعالى: رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة:128]، وقد استجاب الله دعاء خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، وجعل في ذريته أمة الإسلام، وبعث فيها النبي الخاتم المختار صلى الله عليه وسلم، وعليه فلا يجوز للمسلم أن يلقب نفسه باسم سواه.
قال الشيخ بكر أبو زيد – رحمه الله -: «أهل الإسلام ليس لهم سمة سوى الإسلام، ولا رسم سوى القرآن والسنة، وهذا أصل الملة الحنيفية، التي دعا إليها شيخ الأنبياء أبونا إبراهيم عليه السلام، ومَن بعده من أنبياء الله ورسله إلى خاتمهم نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:161]، وقد نعى الله على من رغب عن هذا الشعار، فقال تعالى: وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [البقرة:130]، وقد قال ابن القيم عند شرحه لقول «الهروي» - رحمه الله -: «ولم يُنسَبُوا إلى اسم» أي: لم يشتهروا باسمٍ يُعرفون به عند الناس من الأسماء التي صارت أعلامًا لأهل الطريق، وأيضا، فإنهم لم يتقيدوا بعمل واحد، يجري عليه اسمه، فيُعرفون به دون غيره من الأعمال، فإن هذا آفة في العبودية، وهي عبودية مقيدة، وأما العبودية المطلقة: فلا يعرف صاحبها باسم معين من معاني أسمائها، فإنه مجيب لداعيها على اختلاف أنواعها، فله مع كل أهل عبودية نصيب يضرب معهم بسهم، فلا يتقيد برسم ولا إشارة، ولا اسم، ولا بزي، ولا طريق وضعي اصطلاحي، بل إن سُئل عن شيخه؟ قال: الرسول صلى الله عليه وسلم، وعن طريقه؟ قال: الاتباع، وعن خرقته؟ قال: لباس التقوى، وعن مذهبه؟ قال: تحكيم السنة، وعن مقصوده ومطلبه؟ قال: «يريدون وجهه»، وعن رباطه؟ قال: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ [النور:36]، وعن نسبه؟ قال:
أبي الإسلام لا أب لي سواه
إذا افتخروا بقيس أو تميم
[مدارج السالكين (3/182)].
أبي الإسلام لا أب لي سواه
إذا افتخروا بقيس أو تميم
[مدارج السالكين (3/182)].
وإذا أراد الدعاة اليوم أن يصلحوا ما اعوج، وأن يساهموا في نهضة الأمة واستقامتها، فلا بد من السير على منهاج النبوة، واتباع الكتاب والسنة، في الشكل والمضمون، والمادة والصورة؛ إذ حقيقة الإصلاح: إرجاع الشرع إلى حالة اعتداله، بإزالة ما طرأ عليه من فساد، وما علق به من شائبة الهوى والاختلاف، وهذا لا يكون إلا بالسير على منهاج النبوة لا غيرُ، وقد أدرك ذلك مؤسسو وعلماء أنصار السنة المحمدية، فدعوا إلى الكتاب والسنة، ولم يعظموا أحدًا من المشايخ، أو يعتقدوا في واحد منهم العصمة، ولهذا نجدهم في كل مكان وزمان يدعون إلى صفاء الاعتقاد، ونشر راية السنة وتعظيمها، والحكم بما أنزل الله، وتحطيم مظاهر الشرك والوثنية والأهواء والبدع، ومناصحة الولاة، وتصحيح مسار الناس إلى ربهم في عباداتهم ومعاملاتهم وأقوالهم تحت سلطان الكتاب والسنة، ونحن ندين الله – عز وجل – بأن الإسلام دين كامل لا يتجزأ، وأن أحكامه بعضها مترابط ببعض، فالزيادة فيه طعن في كماله وتمامه، والنقص منه جحد لأحكامه، وعليه فلا يجوز لمسلم أن يتنازل عن شيء منه، أو يغيّر شيئًا من أحكامه، وقد نعى الله على من آمن ببعض الكتاب وكفر بالبعض الآخر، فقال: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ [البقرة:85]، وإني أنصح الدعاة إلى الله عز وجل أن يبذلوا جهدهم في حراسة الدين والدفاع عنه أمام التيارات المنحرفة، والفِرَق الهدامة، والدعوات المسمومة، وعليهم أن يصلحوا مواطن الخلل في الأمة ويسدوا الثغرات التي يدخل منها أهل الباطل لحرب العقيدة والسنة، وتغيير مسار الدعوة كما يحب أهل التغريب والعلمنة، وعلى الفرق والأحزاب والهيئات والمؤسسات والجماعات أن تعرف أخطاءها، وأن تتجرد من شبهاتها، وأن ينضوي الجميع تحت راية الكتاب والسنة إخوة متحابين متناصحين متعاونين لله وفي الله، وهكذا يكون المسلم.
وفي صحيح مسلم من حديث جابر – رضي الله عنه -: «إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم». (مسلم 2812).
والمعنى: أن الشيطان يسعى في التحريش بين المسلمين بالخصومات والشحناء والبغضاء والفتن، وعلى جميع المسلمين ضبط النفس في الأقوال والأفعال، والرفق واللين مع الصبر واليقين، والاحتساب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد صارت بهما الأمة خير أمة كما قال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110].
وقال تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران:104].
ورحم الله رجلاً عرف الحق فآثره على الهوى وحظ النفس، وقدمه على الآراء والمشايخ، وكل إنسان مرهون بعمله وقوله، والله يتولى السرائر، ولا تزر وزارة وزر أخرى.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والحمد لله رب العالمين.
ورحم الله رجلاً عرف الحق فآثره على الهوى وحظ النفس، وقدمه على الآراء والمشايخ، وكل إنسان مرهون بعمله وقوله، والله يتولى السرائر، ولا تزر وزارة وزر أخرى.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والحمد لله رب العالمين.
منقول من مجلة التوحيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق