كتبة / جمال سلطان
على مدار عدة أيام ظل التليفزيون ينوه عن حوار مهم ومثير سيقدمه برنامج "نادى العاصمة" مع المرشح الرئاسى المستبعد حازم صلاح أبو إسماعيل، وأحدثَ ذلك الإعلان حالة من التفاؤل بين ملايين المصريين باعتبار أن التليفزيون يصحح أخطاءه ويتجاوز مرحلة الولاء للنظام، أى نظام والعمل وفق التعليمات العليا، وأن هناك بصيصًا من الأمل فى أن بعض نفحات الثورة المصرية وصلت إلى التليفزيون الرسمى، تليفزيون الشعب، وكان هناك إجماع بين الإعلاميين على أن التليفزيون حقق "ضربة معلم" باستضافة أبو إسماعيل وأحرج كثيرين ممن شككوا فى دوره وفى أنه أصبح تليفزيون الشعب، نظرًا للحساسية الشديدة لموضوع أبو إسماعيل والعلاقة المتوترة له مع المجلس العسكرى واللجنة العليا للانتخابات، ولكن فجأة أمس تلقت إدارة الأمن فى التليفزيون تعليمات بمنع دخول أبو إسماعيل إلى مبنى ماسبيرو، وتم إبلاغ فريق العمل فى برنامج "هنا العاصمة" الذى كان ينتظر ضيفه الكبير بأن المقابلة تم إلغاؤها بتعليمات عليا، وأن وزير الإعلام طلب منع دخول الضيف وإلغاء الحلقة، وتم إبلاغ أبو إسماعيل بذلك فترك المكان وأعلن أنه كان يتوقع حدوث ذلك، وكان من نتيجة ذلك أن أصيب فريق العمل فى البرنامج بالإحباط الشديد، وخاصة مقدم البرنامج الإعلامى أسامة كمال، الذى خرج فى البرنامج على الهواء مباشرة؛ ليقدم اعتذاره لملايين المصريين الذين ينتظرون المقابلة بأن تعليمات عليا من وزير الإعلام وصلته بإلغاء اللقاء، وأنه اتصل بقيادات فى المجلس العسكرى لمعرفة السبب أو مصدر القرار المحبط فأخبروه بأنه قرار وزير الإعلام وحده ولم يُجبه أحد بشىء بعد ذلك، فوجه المذيع "المحترم" كلامه إلى الرأى العام على الهواء معتذرًا عن هذه "الفضيحة" ووجه نقده الشديد وغير المسبوق إلى وزير الإعلام على الهواء وأمام الملايين بأن منع ظهور أبو إسماعيل بعد أن أعلنا ذلك وانتظره الملايين ووصلت نسبة التعليقات والمداخلات على صفحة البرنامج أرقامًا لم تحدث فى تاريخ التليفزيون المصرى كما قال، كل ذلك يعنى ـ حسب المذيع نفسه ـ أننا غير جديرين على تقديم إعلام محترم، وأن التليفزيون ما زال تليفزيون "أصحابه" وليس تليفزيون الشعب المصرى، وكلام كثير موجع جدًا أعتقد أن الناس رأته على الهواء، كما أنه منشور على "الإنترنت" بالصوت والصورة.
المضحك أن علاء بسيونى، رئيس القناة الأولى بالتليفزيون، اتصل بصحف "الحكومة" وبرامج التليفزيون الأخرى لكى يقول لها إن أبو إسماعيل لم يُمنع من التليفزيون ولا حاجة!، وأن وزير الإعلام لم يُصدر قرارًا بإلغاء الحلقة!!، وأن الحكاية كلها أن خريطة البرامج جرى عليها بعض التعديل فتم تأجيل المقابلة معه، وأن الناس فهمت الأمر خطأً!!، ولا أعرف أى الناس يقصد؟!، أيقصد المشاهدين المحبطين أم المذيع صاحب البرنامج نفسه الذى تلقى التعليمات وأعلنها للناس على الهواء، أم فريق إعداد البرنامج الذى تلقى التعليمات وأبلغها لأبو إسماعيل؟!، واتصل بسيونى مشكورًا ببرنامج آخر فى التليفزيون ليملى على المذيعين "الغلابة" بيانه الذى ينفى فيه ما حدث ويستغرب من إذاعته.
ويحكى أن رجلاً ضعيفَ النظر قال له أصحابه: ما رأيك فى تلك الصورة الجميلة التى أمامك، فسأل باستغراب: أين هذه الصورة؟، فقالوا له: على الجدار الذى أمامك، فأجاب باستغراب شديد: وفيه جدار كمان؟!
وشر البلية ما يضحك.
almesryoongamal@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق