رام الله-الجزيرة نت
مع الإعلان عن اتفاق مبدئي بين حركتي التحرير الوطني الفلسطيني (فتح و المقاومة الإسلامية حماس تطرح الكثير من التساؤلات حول حقوق ضحايا الانقسام سواء ممن قتلوا في المواجهات أو تحت التعذيب، أو اعتقلوا أو فصلوا من وظائفهم.
وبينما يبدي ضحايا الانقسام وذووهم استعدادهم لطي صفحة الماضي، لا يزال الحذر والترقب سيد الموقف وسط مطالبات بخطوات عاجلة لإثبات حسن النوايا تتمثل بإطلاق سراح المعتقلين وإعادة الموظفين المفصولين إلى وظائفهم.
ووفق توثيقات المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان فإن 161 فلسطينيا قتلوا خلال المواجهات بين فتح وحماس الفترة بين 7-14 يونيو/ حزيران2007، بينما قتل عشرات آخرون بالمواجهات التي سبقت هذه الفترة، والتي أسفرت عن سيطرة حماس على قطاع غزة، في حين تشير تقديرات أخرى إلى آلاف حالات الاعتقال السياسي والتعذيب والفصل الوظيفي بسبب الانتماء السياسي خاصة في الضفة التي تسيطر عليها سلطة فتح.
المصالحة والمشاركة
وتشير الورقة المصرية إلى ترتيبات خاصة ومفصّلة بشأن الآثار المترتبة على الانقسام ورأب الصدع، وتعويض المتضررين، وتتضمن صندوقا يموّل عربيا لمعالجة آثار الانقسام وتبعاته.
وتنص اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني (الورقة المصرية) المقدمة للفصائل في أكتوبر/ تشرين أول 2009 على نشر ثقافة التسامح والمحبة والمصالحة والشراكة السياسية والعيش المشترك، وحل جميع الانتهاكات التي نجمت عن الفلتان والانقسام بالطرق الشرعية والقانونية.
وتتحدث الوثيقة عن وضع برنامج لتعويض المتضررين من الانقسام والعنف ماديا ومعنويا، وتأمين الموازنات اللازمة لدعم إنجاح مهمة اللجنة من خلال صندوق وطني يموّل عربيا، والإشراف على المصالحة الاجتماعية، وتشكيل لجان فرعية في كافة المحافظات.
وتضمنت أيضا عقد لقاءات جماهيرية موسعة تمس كل قطاعات المجتمع، والاستماع إلى جميع ضحايا العنف الداخلي والفلتان الأمني، وتحديد الضرر المادي والمعنوي الذي لحق بالمتضررين وذويهم، وتحديد أسس التعويض المادي للمتضررين.
وتشير الوثيقة إلى تحميل التنظيم المتسبب بالضرر الواقع على المعنيين بمختلف أنواعه على خلفية الصراع السياسي، دون تحميل مسؤولية للأفراد، على أن تجري معالجة آثار ذلك بمشاركة وطنية من الجميع، وبما يحقق العدالة للمتضررين.
ومع الاتفاق على تشكيل الحكومة الوطنية باتفاق القاهرة الأخير، فإن السياسيين يراهنون على الحكومة المقبلة في إنهاء الملفات المترتبة على الانقسام وإعادة الموظفين إلى وظائفهم، وإعطاء الفرصة للتفاعل وإزالة الكثير من الحواجز النفسية بين الفصائل حتى إجراء الانتخابات بعد عام من توقيع الاتفاق.
خطوات عملية
من جانبه، يبدي الحاج محمد عبد القادر قزاز (أبو أحمد) وهو من بلدة دورا غرب الخليل، ووالد ثلاثة موظفين مفصولين، وابن رابع معتقل ومحكوم بالسجن ثمانية أشهر لدى سلطة فتح ، تفاؤله بإمكانية تحقيق المصالحة، ويقول إنه شعر بارتياح كبير عندما سمع خبر الاتفاق.
وأكد أن أولى الخطوات المطلوبة لإنهاء الانقسام وإقناع الناس بالإخلاص وصدق النوايا هي إطلاق سراح جميع المعتقلين بسبب انتماءاتهم السياسية، وإعادة الموظفين المفصولين إلى وظائفهم، معربا عن استعداده لتناسي آلامه والأضرار التي لحقت به جراء الانقسام إذا تحققت المصالحة.
وأضاف أبو أحمد المتقاعد من الأمن الوطني أنه يمكن للنفوس أن تتصافى إذا بدأ إطلاق سراح المعتقلين، مشددا على أن الشعب الفلسطيني ملّ الفصائل، وسيطردها إذا لم تتصالح كي يتفرغ للاحتلال الذي استفرد بالبلاد، ويعيث في الأرض فسادا.
وبعكس قزاز لا يبدي مدير إحدى الجمعيات الإسلامية ومعتقل سابق لدى الأجهزة الأمنية –فضل عدم ذكر اسمه- تفاؤلا كبيرا بإمكانية تحقيق المصالحة وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل يونيو/ حزيران 2007.
وقال إن وضع اليد على الجمعيات أضر كثيرا بالأيتام والفقراء والموظفين الذين تضرروا وأصبحوا لا يتقاضون مستحقاتهم، مضيفا أن أية مصالحة داخلية حقيقية تستوجب إعادة الجمعيات الخيرية لنصابها، وأن الجرح عميق، وأنه ليس من السهولة أن ينسى الضحايا آلا مهم وأحزانهم، لكنهم يمكن أن يتناسوها إذا رجع كل شيء إلى نصابه.
إلى ذلك ، أجمع خطباء الجمعة في قطاع غزة على ضرورة تحقيق المصالحة الوطنية بين شطري الوطن الفلسطيني ، وعلى ضرورة تغليب المصلحة الوطنية العليا فوق كل المصالح الشخصية .
وأكد الخطباء على وجوب توقيع كافة الفصائل الفلسطينية على ورقة المصالحة المصرية ، والمزمع توقيعها يوم الخميس القادم بالقاهرة ، مشددين على أنها فريضة دينية وضرورة وطنية ومصلحة فلسطينية خالصة .
مطلب شعبي
وخلال خطبة الجمعة 29-4-2011 أشار خطباء المحافظة الوسطى إلى التطور الجيد الذي وصلت إليه المصالحة الفلسطينية ، حيث تطرق الجميع إلى الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تدعوا إلى الوحدة وتنبذ الفرقة .
الشيخ الدكتور كمال تربان تطرق خلال خطبته بمسجد الشهيد عز الدين القسام بالنصيرات إلى ضرورة تحقيق المصالحة بأسرع وقت ، قائلا : " قلوبنا مفعمة بالأمل ، والتطور بملف المصالحة ثمرة طبيعية لصبرنا في قطاع غزة ، ولدماء شهدائنا وتضحيات أسرانا " .
وداعا التربان الجميع إلى المحافظة على المصالحة ، وعدم السماح لأحد بالتراجع عنها ، قائلا : " نريد فلسطينيا إلى الله أقرب ، صحيح العبادة ، قوي العزيمة ، حاميا لثوابت أمته ، حريصا على مصلحة شعبه ، واع لكل ما يدور حوله " .
في حين نوه الشيخ الخطيب إياد أبو شغيبة بخطبة الجمعة بمسجد الفاروق بالنصيرات إلى وجوب تحقيق المصالحة دينيا ، وعدم السماح لأحد بالتدخل في الشئون الفلسطينية الداخلية ، أو الاصطياد بالماء العكر من أجل إفشال المصالحة وعدم تحقيقها .
وتابع : " يجب على الجميع ادارك الواقع المحيط حولنا ، والانتباه جيدا لكل من يحاول الإبقاء على الخلاف الفلسطيني ، حيث أن المستفيد الوحيد من هذه الفرقة الاحتلال الصهيوني ، ومن يريد القضاء على القضية الفلسطينية ، وتغيير مسارها الهادف إلى تحرير كل شبر من فلسطين " .
الاحتلال وأزمته المتواصلة
وتطرق تربان إلى تصريحات الاحتلال الرافضة لتحقيق المصالحة الفلسطينية ، معتبر الاحتلال يعيش أزمة وجود ، ومؤكدا على أن الأمة تعمل جميعا من أجل اجتثاثه وإخراجه من فلسطين ، مدينا في الوقت ذاته تصريحات عباس بعد تخيير الاحتلال له بين المصالحة والسلام ، بتخييره للاحتلال بين السلام والاستيطان ، مشددا على أن تصريحات عباس كانت يجب أن تشمل المصالحة فقط ، دون فتح المجال للتخيير بين أي بديل .
في حين وافق الشيخ الخطيب بهاء الدين الجمل خلال خطبة الجمعة بمسجد أبو بكر الصديق بمدينة دير البلح جميع الخطباء أقوالهم الداعية إلى تحقيق المصالحة ، مطالبا الجميع بضرورة الإسراع في تحقيقها ، وعدم السماح لأحد بالتدخل في القرار الفلسطيني الداخلي .
وألمح الجمل إلى أن الاحتلال سيعمل بكل وسائله من أجل إفشال تحقيق المصالحة ، لأنه المستفيد الأكبر من الشقاق الفلسطيني ، الذي أوصل الضفة إلى تنسق أمني مخزي ولم يسبق له مثيل .
أما الشيخ سعيد البيومي خطيب الجمعة بمسجد الشهيد عبد عزام بالنصيرات لم يضف جديدا عما أضاف زملائه ، بل أكد على أحقية تحقيق المصالحة ، وضرورة تحقيقها بما يحفظ الثوابت ويحمي الحقوق ، ويضمن للجميع حقوقهم بأرض فلسطين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق