كتب / حمدى شفيق
لم أكن راغبا فى مناقشة هذا الموضوع الشائك الاّن فى ظل حالة الاحتقان الطائفى التى
تسود بعض المناطق فى مصر . لكن الاعلام الغربى الخبيث ، وبعض قنوات الفتنة المملوكة لجهات التنصير المشبوهة تأبى الا الاثارة والتهجم على الاّخرين ،بالاضافة الى الكذب والتضليل على طول الخط . وازاء هذا التصعيد والافتراءات المتواصلة لا يسعنا السكوت بأى حال بعد اليوم ، خاصة وأن الأمر يهدد أمننا القومى ، كما أننا لن نتمكن من احتواء الموقف وضمان عدم تكراره مستقبلا الا بازالة أسبابه ودوافعه .
وأفضل ما يمكن أن نفعله هو سرد وتحليل ( بعض) الحقائق التى كشفت عنها التحقيقات ، وهى كافية لافحام أولئك المضللين فى الداخل والخارج .
فقد تبيّن أن الأمر ليس (شائعات) كما زعموا ، وتحدثت إحدى السيدات المختطفات التى أسلمت - وهى عبير فخرى - الى وسائل الإعلام ، وأكدت بالفعل واقعة اختطافها ثم احتجازها بمبنى مجاور للكنيسة بعد اعتناقها للاسلام عن اقتناع تام وبارادة حرّة. وهناك بالفعل قضية مرفوعة منها أمام محكمة قويسنا للأسرة لتطليقها من زوجها القبطى لسوء المعاملة ثم لاختلاف الديانة ، وهو ما تسمح به كل القوانين المعمول بها فى أى مجتمع متحضر وليس فى مصر فقط.
وثبتت الواقعة أيضا من تحقيقات النيابة وأجهزة الأمن .
نحن هنا أمام جريمة جنائية هى جناية خطف مكتملة الأركان ، ثم جريمة جنائية أخرى هى الاحتجاز بغير سند من القانون وبواسطة أشخاص ليست لهم صلاحية فعل ذلك ، فلا هم جهة تحقيق ، ولا هم قضاة لهم تلك السلطة .
واذا كنا نطالب بمحاكمة كل من يثبت تورطه فى أحداث القتل والتخريب التى وقعت فى امبابة ، فلابد أيضا من محاكمة كل من تورط فى ارتكاب كافة جرائم الاختطاف والاحتجاز غير القانونى تلك مهما كان موقعه أو منصبه ، وبدون ذلك لن تتحقق العدالة و لن يستتب الأمن فى هذا البلد.
وليست واقعة عبير فخرى هى الأولى ولن تكون الأخيرة ، وهناك شهادات متواترة فى عشرات الوقائع الأخرى التى ارتكبت فيها جرائم تعذيب مروّعة لاجبار الذين اعتنقوا الإسلام على ترك دينهم الجديد .وقد أكد الدكتور زغلول النجّار العالم والداعية المعروف نبأ مقتل وفاء قسطنطين، وهى زوجة لأحد القساوسة اعتنقت الاسلام وسلّمها نظام المخلوع مبارك الى الكنيسة لتلقى حتفها دون أى اعتبار لحقها فى العقيدة أو حتى حقها فى الحياة !! وهناك دعوى قضائية بهذا الصدد.
ومنذ سنوات طوال ترفض الكنيسة رفضا قاطعا السماح بظهور وفاء قسطنطين على شاشات التلفزيون ، لسبب بديهى هو أنها ليست فى عالمنا الاّن بل فى ذمة الله !!
ولا مفر من الاعتراف بأن هذا الاضطهاد الاجرامى لمن يعتنقون الاسلام هو أحد أخطر أسباب الاحتقان الطائفى - وان لم يكن هو السبب الوحيد بالطبع- وأحداث امبابة شاهد على ذلك .
فما هو الحل لضمان عدم تكرار تلك الكارثة ؟
الحل والضمان الحقيقى - فضلا عن تحقيق العدالة الصارمة - هو احترام حرية العقيدة فعلا لا قولا . وهذا يقتضى موقفا حازما من سلطات الدولة مع الكنيسة المصرية التى جعلت من ذاتها دولة داخل الدولة ، وتصر على التعامل مع الكافة على هذا النحو !! وعلى الأزهر الشريف أن يتوقف فورا عن تزويد أية جهة ببيانات من يأتون اليه لاعتناق الاسلام ، أو احالتهم الى اللجان الكنسية لمحاولة صرفهم عن دينهم الجديد الذى ارتضوه ، فللناس حق اعتناق ما يشاءون بلا رقيب أو حسيب ، وتلك وصاية مرفوضة حتى بالمنطق الليبرالى الديمقراطى البحت الذى يتشدق به عبيد الغرب الأذلاء فقط عندما يتعلق الأمر بمن يتطاولون على الاسلام وحده!!
ولا يجب أن نعطى أى اهتمام لردود الأفعال المتشنجة فى الغرب ، لأنه لن يكف عن الكيل بمكيالين فى كل قضايا العرب والمسلمين . والدليل القاطع على ذلك هنا أن وسائل الاعلام و منظمات مايسمى بالمجتمع المدنى وأدعياء حقوق الانسان بالداخل والخارج يتجاهلون تماما أصوات الضحايا فى وقائع خطف واحتجاز وتعذيب وأحيانا قتل المسلمين والمسلمات الجدد فى مصر ، رغم أنهم أقاموا الدنيا ولم يقعدوها – مثلا -عندما أفتى الخمينى بقتل المرتد سلمان رشدى الذى تطاول ببذاءة منكرة على الاسلام !!
ولا مفر من الأخذ على أيدى (محاكم التفتيش ) الجديدة التى تقتفى أثر أختها الأوروبية فى عصور الظلام الوسطى التى كانوا يحرقون فيها المسلمين وغيرهم من مخالفيهم فى العقيدة أحياء ،بلا جرم أو قضاء !!
لابد أن تحمى سلطات الدولة حق أولئك المواطنين والمواطنات - المسلمين والمسلمات الجدد - فى الحياة الاّمنة الكريمة بعيدا عن أية تهديدات أو ضغوط من أى شخص أوأية جهة .وضمان عدم اساءة استعمال دور العبادة ، على النحو الذى ثبت من اصطناع (سجون ) داخلها أو الى جوارها ، يحتجزون فيها من يسلم وجهه لله الواحد القهار .
ولا يفوتنا التذكير هنا بأن التحقيقات قد أكدت على نحو قاطع أن متعصبا قبطيا هو الذى أطلق النار أولا على المتجمهرين سلميا فى الشارع بامبابة ، ولم يكن أحد منهم قد اقترب من باب الكنيسة ، الى أن باغتهم ذلك المجرم برصاصه الغادر الذى أصاب قلب مصر بأسرها وليس الضحايا فقط ، فاشتعل الموقف ووقع ما يعرفه الجميع من أحداث دامية .
و نحن نرفض رفضا قاطعا أى عدوان على دور العبادة ، ونطالب الشباب باللجوء الى السلطات المختصة لمعالجة أية حالة مماثلة فى المستقبل .
لكن ذلك يقتضى بداهة أن يلتزم الطرف الأخر بدوره بالقوانين والخضوع لسلطات الدولة ، وألا يعتدى على الناس فى الشوارع والطرقات ، ثم يتباكى زاعما أنه هو الضحية !!
وأيضا يجب على هؤلاء وغيرهم الكف عن ارتكاب جريمة خطيرة أخرى هى : التحريض والتطاول على قواتنا المسلحة الباسلة لأغراض خبيثة فى أنفس أشخاص مغرضين عاشقين للكراسى والمال على حساب البسطاء الغافلين من أتباعهم !!
الجيش المصرى العظيم صاحب المواقف البطولية والتاريخ المشرّف هو الذى يتولى العبء الأكبر الاّن بحماية مصر فى الداخل والخارج ، ومحاولة المساس به خط أحمر، ولعب بنار سيكتوى بها العابثون المغرضون قبل غيرهم .
ألا هل بلّغت .اللهم فاشهد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق