حمَّلت إسرائيل كلا من إيران وسورية مسؤولية ما جرى في جنوب لبنان والجولان من مظاهرات في ذكرى "يوم النكبة"، والتي شهدت غزة والضفة الغربية مثيلات لها، وسقط فيها عشرات القتلى والجرحى على أيدي الإسرائيليين.
فقد نقلت وكالة رويترز للأنباء عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، اللفتينانت كولونيل يواف مردخاي، قوله: "نحن نرى هنا تحرشا إيرانيا على كل من الجبهتين السورية واللبنانية، وذلك في محاولة لاستغلال احتفالات ذكرى النكبة"، والتي يحتفل بها الإسرائيليون على أنها ذكرى "استقلال" بلادهم.
كما قال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية لمراسلة بي بي سي في القدس: "إن ما جرى هو محاولة من قبل النظام السوري لتحويل الأنظار عمَّا يجري في سورية".
وقال مسؤول إسرائيلي آخر لوكالة رويترز للأنباء: "يبدو أن هذه محاولة فاضحة من القيادة السورية لخلق أزمة متعمَّدة على الحدود من أجل تحويل الانتباه عن المشاكل الحقيقية التي يواجهها النظام في بلاده".
وقد أُعلن في إسرائيل أيضا أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، سوف يتحدث بعد قليل عن موقف حكومته من أحداث اليوم.
بيان رسمي سوري
ما جانبها، سارعت الحكومة السورية بالتعليق على تصدي الجيش الإسرائيلي للمتظاهرين السلميين بالنار، إذ أصدرت الخارجية السورية بيانا رسميا أدانت فيه بشدة ما وصفته بـ "الممارسات الإسرائيلية الإجرامية التي قامت بها اليوم ضد أبناء شعبنا في الجولان وفلسطين وجنوب لبنان، والتي راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى".
ونقل البيان عن مصدر مسؤول في الوزارة قوله: "نطالب المجتمع الدولي بتحميل إسرائيل كامل المسؤولية عمَّا قامت به من ممارسات".
وأضاف المسؤول قائلا: "إن الحراك الفلسطيني هذا اليوم ناجم عن استمرار تنكر إسرائيل لقرارات الشرعية الدولية، ومواصلة اغتصابها للأرض وللحقوق، وتهربها من استحقاق السلام العادل والشامل".
وتعليقا على تحميل إسرائيل القيادة السورية مسؤولية عبور مدنيين لخطة الهدنة في الجولان السوري المحتل منذ عام 1967، قال المحلل والكاتب الصحفي السوري من أصل فلسطيني، أحمد صوَّان:
"سورية معروفة بمواقفها ضد إسرائيل والمساندة لحق العودة وإنهاء الاحتلال. وطالما أن الاحتلال لا يتجزأ، فسورية تنطلق من حق الشعب بالتعبير عن نفسه وتحرير أرضه".
وأضاف: "إن إسرائيل لا تجد أمامها أحدا سوى سورية لتحميله المسؤولية. عموما، نحن حريصون على أن يأخذ التحرير العربي مداه".
قتلى وجرحى
ميدانيا، نقل مراسل بي بي سي في بلدة مارون الراس في جنوب لبنان، محمد نون، عن مصادر فلسطينية قولها إن الجيش الإسرائيلي قتل على الأقل 10 فلسطينيين وأصاب أكثر من 60 شخصا آخر بجروح.
وقال المراسل: "لدى قيامي بمعاينة جثث بعض الشبان، رأيت أنهم في مقتبل العمر. وقد أفادني زملاء لهم بأنهم كانوا قد أطلقوا دعوة عبر الفيسبوك أعلنوا فيها عن عزمهم رفع الأعلام الفلسطينية عند الشريط الشائك".
وقالت المصادر نفسها إن عمليات القتل وقعت بالقرب من الشريط الشائك الحدودي عندما تجمهر مئات من اللاجئين الفلسطييين وألقوا الحجارة باتجاه المواقع الإسرائيلية.
وقد شارك في "مهرجان يوم النكبة" في مارون الراس حوالي 100 ألف فلسطيني ولبناني وسوري، حسب مصادر فلسطينية حضرت الحدث.
وقد هتف المشاركون بشعارات تؤكد على حق عودة الفلسطينيين إلى أراضيهم التي هجروا منها عام 1948، فيما يُعرف بـ "يوم النكبة"، وجرى إحياؤه هذا العام تحت اسم "مسيرة العودة".
وقد انطلق مئات الفلسطينيين المشاركين في المهرجان من مخيمات اللاجئين في لبنان، وخاصة من صيدا وصور وبيروت والبقاع والشمال، حيث نقلتهم حافلات انطلقت صباحا من مختلف المناطق.
وذكر المراسل أن الجيش الإسرائيلي أرسل على الفور مزيدا من التعزيزات العسكرية إلى المنطقة، من بينها دبابات وناقلات جند وعربات مصفَّحة، حيث اتخذت لها مواقع قتالية في المنطقة تحسبا لأي تصعيد محتمل.
من جانبه، أرسل الجيش اللبناني أيضا تعزيزات عسكرية إلى المنطقة، فيما تردد أن حزب الله وضع عناصره في "حالة تأهب قصوى لمواجهة أي طاريء".
اشتباكات الجولان
وفي الجولان، قتل الجيش الإسرائيلي أيضا أربعة أشخاص وأصاب 60 شخصا آخر بجروح.
وقالت مراسلة بي بي سي في القدس إن جثتى اثنين من القتلى الذين سقطوا بعد دخولهم بلدة مجدل شمس قد نُقلوا إلى الجانب السوري من الحدود.
وقد أذاع التلفزيون السوري الرسمي نبأ "مقتل وإصابة المدنيين برصاص الجيش الإسرائيلي أثناء مشاركتهم في مهرجان خطابي في عين التينة في الجولان ومجدل شمس بمناسبة ذكرى النكبة".
مواجهات غزة والضفة
وفي قطاع غزة، قال مراسل بي بي سي، شهدي الكاشف، إن شابا فلسطينيا قُتل وأصيب أكثر من 80 شخصا آخر بجروح في مواجهات وقعت بين فلسطينيين وبين الجيش الإسرائيلي بجانب معبر إيريز قرب بلدة بيت حانون شمال شرقي مدينة غزة.
أمَّا في الضفة الغربية، فقد قُتل شخص وأُصيب آخرون خلال اشتباكات جرت عند معبر قلندية شمال القدس بين فلسطينيين وبين الجيش الإسرائيلي.
كما شهدت الأردن أيضا مظاهرات احتجاجية في ذكرى "يوم النكبة" الذي أرغم فيه اليهود آلاف الفلسطينيين على النزوح من ديارهم قبل 63 عاما.
من جانبها، حثَّت قيادة قوات حفظ السلام التابعة الأمم المتحدة في جنوب لبنان (اليونيفيل) كافة الأطراف على توخي ضبط النفس لتجنب المزيد من الخسائر.
وقال ناطق بإسم اليونيفيل إن القوة على اتصال بالجيشين الإسرائيلي واللبناني لضمان ضبط الوضع في المنطقة.
نشر الشرطة
وكانت السلطات الإسرائيلية قد نشرت الآلاف من أفراد الشرطة في القدس وفي المناطق العربية في الشمال قبيل بدء الفعاليات المخصصة لإحياء ذكرى "يوم النكبة".
وقال ميكي روزنفيلد، وهو مسؤول في الشرطة الإسرائيلية: "لقد نشرنا آلاف ضباط الشرطة في المناطق الحساسة، وخصوصا في القدس ومنطقة وادي عارة".
وأضاف قائلا: "قواتنا وضعت في حالة تأهب قصوى بهدف تأمين الفعاليات المقررة اليوم، لكننا لن نتسامح مع أي تعكير للأمن العام".
واعتقلت الشرطة ليلة البارحة 13 فلسطينيا في أعقاب مظاهرات في القدس الشرقية، ما يرفع عدد الفلسطينيين المعتقلين إلى 63 شخصا منذ الجمعة الماضي، أضيف إليهم اليوم عشرات المعتقلين.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه أمر بإغلاق الأراضي المحتلة لمدة 24 ساعة على أن ينتهي سريان مفعول قرار الإغلاق في منتصف الليلة المقبلة.
وجاء في بيان للجيش الإسرائيلي أنه لن يسمح سوى للحالات الإنسانية العاجلة بدخول إسرائيل من الأراضي المحتلة.
مصادمات في القدس
وكانت القدس الشرقية قد شهت مصادمات على مر الأيام الثلاثة الماضية بين شباب فلسطينيين يلقون الحجارة وقوات الجيش الإسرائيلي.
وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي قد أعلنت أن شاحنة اصطدمت بعدة سيارات ودهست عددا من المارة في تل أبيب يوم الأحد، مما أدى إلى مقتل شخص واحد على الأقل.
وقال شهود إن ثورة غضب اعترت سائق الشاحنة، فصدم بسيارته عددا من السيارات ودهس مارة على مسافة كيلوميترين من الطريق.
وأضافوا: "سمعنا أصواتا مدوية خلفنا قبل أن تصل إلى جوارنا. لقد واصل السائق ثورة غضبه، ثم صدم حافلة، ومن ثم خرج منها وأخذ يلقي أشياء على الناس".
وقال أحد شهود العيان: "كانت هناك فتاة أصابها في رأسها، وقد سقطت أرضا".
وقالت الإذاعة الأإسرائيلية إن الحادث يبدو متعمدا، إذ تزامن مع إحياء الفلسطينيين "ليوم النكبة".
وقال روزنفيلد إن سائق الشاحنة عربي من سكان قرية كفر قاسم وسط إسرائيل، مضيفا أنه اعتقل.
وقالت أجهزة الطوارئ الإسرائيلية إن شخصا قتل في المكان وجرح سبعة آخرون على الأقل.
الاردن
وفي الاردن، اطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق مئات الناشطين الذين تجمعوا على الحدود مع اسرائيل لاحياء ذكرى "النكبة"
وقع الحادث بعد ساعات فقط من قيام الجيش الاسرائيلي باطلاق النار على متظاهرين في هضبة الجولان وجنوب لبنان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق